بيان محمد بن شمباس،الممثل الخاص المشترك ببعثة اليوناميد لوسائل الإعلام

23 يناير 2014

بيان محمد بن شمباس،الممثل الخاص المشترك ببعثة اليوناميد لوسائل الإعلام

صباح الخير، وكل عام وأنتم بخير بمناسبة العام الميلادي الجديد،
مرت الأن تسع أشهر منذ تسلمي لمهمتي كرئيس لليوناميد. وقد شهدت هذه الفترة أحداثاً كبيرة في دارفور وفي المنطقة سيكون لها أثرها على عمل البعثة ونحن ندخل العام الجديد. أود أن أركز في هذا المؤتمر الصحفي الأول لي منذ تسلمي مهام عملي على بعض هذه التطورات التي حدثت وأن ألقي الضوء على مضي البعثة قدماً في عملها خلال العام 2014، والذي امل أن يكون عاماً للسلام في دارفور.

بانقضاء العام 2013 يكون النزاع في دارفور قد أكمل عقداً من الزمان. هنالك تصاعداً خطيراً في النزاعات القبلية، واستمرت المعركة بين القوات الحكومية والحركات المسلحة دون هوادة، وكان للتطورين آثارهما المدمرة على السكان المدنيين بالمنطقة. وقد كان عاماً حزيناً على اليوناميد التي شهدت فيه أسوأ حالات فقدان الاشخاص ، إذ فقد ستة عشر فرداً من أفرادها أرواحهم أثناء أداء واجبهم في هجمات تعرض لها حفظة السلام في أعمال تشكّل جرائم حرب وانتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي.

وبالرغم من هذه الانتكاسات، مضت اليوناميد قدماً في تنفيذ تفويضها في بيئة صعبة المراس. ما تزال وثيقة الدوحة للسلام في دارفور وستظل هي الإطار الذي سيحقق السلام في دارفور حسب تفويض مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن الدولي. قمت في العام 2013 بإجراء اتصالات ببعض الشركاء الإقليميين طالباً مساندتهم للعملية السلمية وتقديرالتزامهم لعملية السلام ، والتقيت كذلك بالحركات غير الموقعة، أولاً في أروشا لفهم موقفهم ولتزويدهم بمنصة انطلاق لتوضيح مظالمهم. وفي أديس أبابا، وبالمشاركة مع الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد)وبرعاية الاتحاد الافريقي، إجتمعنا مرة أخرى لرفع مستوى إدراك الحركات للوضع الإنساني والامني والسياسي في دارفورولتشجيعهم على المشاركة في التفاوض مع الحكومة. وفي ذات الوقت كانت الحكومة على علم بالخطوات التي اتخذتها الوساطة ، ظلت دولة قطرتقدم الدعم الكامل للبحث عن السلام في دارفور.
في الوقت الذي تتلمس فيه الوساطة سبل إقناع الحركات غير الموقعة بالانضمام لعملية السلام، فقد رحبت وثيقة الدوحة بمٌوقّع آخر عليها في العام 2013 لينضم للحكومة ولحركة التحرير والعدالة ألا وهو حركة العدل والمساواة ¬¬ـ فصيل بشر والتي التزمت بدعم عملية السلام على الرغم من الانتكاسة الكبيرة التي تعرضت لها جراء اغتيال كامل قيادتها في مايو من العام 2013.

وبالطبع فإن سلطة دارفورالاقليمية ومؤسساتها قد أسست وتمارس عملها الان على الوجه الأكمل. وما تزال الشراكة بين اليوناميد والسلطة الاقليمية بشأن تنفيذ وثيقة الدوحة متواصلة. وقد كانت إحدى أهم النواحي التي عملت فيها اليوناميد بصورة لصيقة مع السلطة الاقليمية هي تنظيم ورش العمل والمؤتمرات لمختلف أصحاب المصلحة لتحديد جذور وأسباب النزاعات القبلية التي اندلعت في شتى المناطق بالاقليم ولغرس ثقافة السلام والتعايش السلمي بين مختلف المجتمعات.
وشهد العام 2013 المؤتمر الذي طال انتظاره للمانحين الدوليين من أجل دارفور والذي عقد في الدوحة وتمخض عن تعهدات مقدرة لمشاريع التنمية عبر سائر أنحاء دارفور تحت مظلة استراتيجية تنمية دارفور. كذلك شهد العام 2013 في يونيو، تعيين المدعي العام الخاص للمحكمة الخاصة بجرائم دارفور للنظرفي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبت في دارفور منذ فبراير من العام 2003 حسبما نصت على ذلك وثيقة الدوحة.واخذت التحضيرات للحوار الدارفوري الداخلي والتشاورخطوات اضافية في ديسمبر من العام المنصرم باجتماع الجهات الثلاث الميسرة هي اليوناميد وحكومة قطر والاتحاد الإفريقي. ويعتبر هذا الحوار والتشاور عملية تستهدف الجذور وعموم أهل دارفور لتوسيع المشاركة وملكية إطار السلام، وبناء الثقة، وتشجيع المصالحات إضافة إلى الوحدة بين أهل دارفور.

نهنئ حكومة السودان وحركة التحرير والعدالة على التوقيع الثنائي على الترتيبات الأمنية ، وستظل اليوناميد تقدم الدعم للأطراف في عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة دمج المقاتلين السابقين. وفي ذات الوقت فإننا نتطلع قدماً للترتيبات الأمنية النهائية التي تم إعدادها من قبل الحكومة والموقّع الجديد على وثيقة الدوحة، حركة العدل والمساواة¬¬ – فصيل بشر. وتعتبرهذه خطوات أساسية لضمان سيادة الأمن والاستقرار بالاقليم، ما يمهد السبيل أمام التنمية الحقيقية التي تتعطش لها دارفور.

وعلى الرغم من هذه القفزات المهمة التي انجزتها البعثة على مختلف الأصعدة إلا أنني أقر بوجود مصاعب متأصلة تواجهها البعثة والوساطة في تنفيذ تفويضها مع دخولنا للعام 2014.

ستضاعف الوساطة مجهوداتها لتمهيد الطريق لقيام مباحثات جادة بين الحركات غير الموقعة والحكومة في إطار وثيقة الدوحة. وقد كانت رسالتي واضحة منذ البداية لم تتغير أو تتبدل وهي، أنه وبعد عشر سنوات من النزاع، فإن الحل العسكري ليس هو الحل لمشكلة دارفور، وللإيفاء حقاً باحتياجات الناس وللمضي قدماً للأمام فإن الحل يكمن فقط في الحوار والتفاوض. وستتقصى الوساطة كل الوسائل الممكنة، مع الشركاء الوطنيين والاقليميين والدوليين، للتأثير على كل الأطراف للانضمام لطاولة التفاوض بغية الوصول لسلام شامل يستحقه أهل دارفور.
وعلى الرغم من أهمية السلام والأمن فإن الاحتياجات الحقيقية لأهل دارفور على أرض الواقع لا يمكن تلبيتها إلا عبر وضع أجندة تنموية تحسّن الظروف الاجتماعية والاقتصادية في دارفور وتشجع على عودة النازحين واللاجئين الذين ظلوا يهيمون على وجوههم لأكثر من عقد من الزمان في المعسكرات المتناثرة عبر سائر أنحاء دارفور والدول المجاورة. كذلك فإن تحقيق تقدم ملموس في أجندة التنمية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتخفيف حدة التوترات الإثنية التي تصاعدت خلال العام ،لأن هذه النزاعات القبلية تٌعزى للتنافس على الموارد الشحيحة المتناقصة.فالاستراتيجية التنموية الشاملة من شأنها توفير الاحتياجات الأساسية للسكان ودفع فرص التنمية الاقتصادية وسبل كسب العيش. وتعتبر استراتيجية تنمية دارفور نهج ممتاز لتحقيق هذا، كما أن اليوناميد ستقدم الدعم اللازم للسلطة الاقليمية لدارفور وللحكومة لتحقيق الأهداف التنموية قصيرة المدى وطويلة المدى التي تضمنتها الاستراتيجية. وللوصول لهذه الغاية تم تقديم الدعم الفني واللوجستي للسلطة الاقليمية لتنفيذ 1071 مشروعاً تنموياً عبر سائر أرجاء دارفور.

هذه هي بعض الاستراتيجيات العريضة التي ستركز عليها اليوناميد في هذه السنة الجديدة. وعلى الرغم من فقدان عدد من الأرواح العزيزة علينا خلال العام 2013 إلا أننا على أتم الاستعداد لمواجهة التحديات العديدة التي ستبرز لا محالة لكنها لن تقف في طريقنا ولن تعيقنا عن تحقيق هدفنا الأساسي في حماية المدنيين في دارفور وفي مساعدتهم في الوصول لسلام مستدام.

ودعوني أكون واضحاً أمام مرتكبي جرائم الحرب ضد البعثة: إن اليوناميد هنا لحفظ السلام، ووفقاً لأحكام الفصل السابع الممنوح لها لن تتردد مطلقاً في حماية نفسها بكل صرامة عند تعرضها لهجوم. وفي ذات الوقت فإننا سنواصل العمل مع حكومة السودان ومع وزارة العدل من خلال تزويدهم بالأدلة المطلوبة لتقديم الجناة للعدالة.
بعد أن طوّفت بكم في أنشطة العام السابق ومع إطلالة العام الجديد فإنني أومن إيماناً راسخاً بأن الطريق نحو السلام أمامنا، وأن الوقت قد حان لالتقاطه.

شكراً جزيلاً، واتمنى لكم عاماً سعيداً ملؤه السلام.