مكتبة من اجل السلام في دارفور

 طفلتان من دارفور تطالعان في مكتبة المركز الثقافي في مدينة الفاشر، شمال دارفور. رعت اليوناميد إعادة تأهيل المكتبة من خلال برنامجها للمشاريع سريعة الأثر.

تم ترشيح المشروع، الذي قُدم بدعم من اليونيسف أيضاً، لجائزة في معرض الكتاب الدولي للتميز في لندن 2016 . تصوير ألبرت غونزاليس فران، اليوناميد.

 

13 مارس 2016

مكتبة من اجل السلام في دارفور

 

بقلم زوراب الزاروف

تم في مارس 2016، إعادة تاهيل المكتية بالفاشر، شمال دارفور من خلال المشاريع سريعة الاثر وكان هذا المشروع قد ضمّن في القائمة القصيرة لجوائز التميز الدولي لمعرض لندن  للكتاب وذلك لنيل جائزة المبادرات التعليمية للعام 2016.

يقع المركز الثقافي بالفاشر على مشارف السوق المركزي العامر، وبه مسرح وغرفة موسيقى ومكتبة عامة. بالمركز ثمان أقسام هي الرسم والتلوين، والفلكلور، والموسيقى والفرق الموسيقية ، والدراما، والأطفال والشباب، والشعر والنثر، والمكتبة إضافة إلى قسم الأنشطة العامة الذي يحتوي المشغولات اليدوية واللغات. يقيم المركز دورات تدريبية في اللغات والموسيقى ودورات أخرى برسوم رمزية من أجل جمع الأموال كما ينظم من حين لآخر معارض لبيع المشغولات اليدوية. ويرتبط المركز أيضاً بسينما الفاشر التي تحتاج إلى إعادة تأهيل في الوقت الحاضر.

بالمركز مكتبة عامة صغيرة بها قسم صغير للكتب باللغة الإنجليزية تبرع بها المجلس الثقافي البريطاني إضافة لقسم لكتب الأطفال. تحتوي المكتبة على عدد من الصالات الكبيرة التي تنظم بها مختلف المناسبات الاجتماعية.

وتعتبر المكتبة مكاناً جاذباً للترفيه والتعليم والتطوير المعرفي والتلاقي. ولمصلحة إحياء الإرث الثقافي والفكري لأهل دارفور، قامت بعثة الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة في دارفور (يوناميد) بإعادة تأهيل المبنى وموّلت مشروعاً لتوفير أجهزة الحاسوب والمعدات البصرية والأثاث ووفرت أكثر من 20,000 كتاب جديد بغرض إحياء الأنشطة الثقافية كسبيل لمخاطبة جذور العنف وانعدام الاستقرار في دارفور، وتعزيز السلام، وترقية التعليم، وتوسيع الفرص أمام أهل دارفور.

موّلت عملية إعادة تأهيل المكتبة وتوفير المعدات والأثاث عبر اثنين من مشاريع الأثر السريع وتم التنفيذ عبر منظمة غير حكومية محلية. وساهمت اليونيسيف كذلك من خلال توفير ملاعب الأطفال ومولد كهربائي إضافة إلى صيانة المركز الثقافي. خلق هذا المشروع بيئة تعليمية جديدة وحسّن مستوى المكتبة التي تعمل الآن كمركز تعليمي وتدريبي للشباب وحتى للكبار. وتخدم المكتبة الآن حوالي 50 مستخدماً بشكل يومي، وأصبحت تدريجياً مكتبة للسلام في دارفور من خلال ترقيتها لثقافة السلام ونبذ العنف.

وقد تحولت مناسبة انتهاء العمل في المشروع وتسليمه لمهرجان كبير لأهل ولاية شمال دارفور. وقد حضر حفل الافتتاح المسؤولون الولائيون وممثلون لليونيسكو واليوناميد واتحادات المرأة والشباب إضافة لأهل المجتمع المحلي. وقد اشتمل الحفل على عروض موسيقية تقليدية وعرض مسرحي قدمته فرقة "شروق السلام" المسرحية إضافة إلى معارض الصور واللوحات الفنية. وقد ذكر السيد إبراهيم أبكر، الأمين العام لمركز الفاشر الثقافي، الذي يضم المكتبة، "سيحسن هذا المشروع مستوى المكتبة التي ستكون بمثابة مركز تعليمي وتدريبي لأبنائنا وبناتنا وأطفالنا وحتى للكبار في مجتمعنا".

أثبت نجاح المشروع أن للمكتبات العامة امكانيات كبيرة في جلب السلام والاستقرار لمجتمع مزقته الحروب من خلال توفير سبل التعليم وإحياء الإرث الثقافي والتطوير المعرفي. ومهما يكن من أمر فإن انعدام القدر الكافي من الدعم الفني والمالي، وضعف سبل الوصول لخدمات المعلومات من شأنه تقييد قدرات المكتبات العامة في دارفور في توفير الخدمات الفعالة لأهل المجتمعات المحلية.

ويعتبر تنفيذ هذا المشروع نموذجاً للتعاون الناجح بين بعثة حفظ السلام (يوناميد)، وحكومة السودان (وزارة الثقافة والرياضة والشباب الولائية)، واليونيسيف، ومنظمات المجتمع المدني، وموظفي المكتبة العامة. وقد كان الحماس والإلهام وقوة الدفع للإبقاء على الدور الفعال للمكتبة كبيراً ومثل عاملاً أساسياً من عوامل نجاح هذه المبادرة المهمة.

وقد أثبت المشروع بوضوح الحاجة إلى التدخلات المبدعة لمساعدة المجتمعات للخروج من ويلات النزاعات العنيفة وتعزيز السلام وتسوية النزاعات المختلفة. من المهم تشجيع الجهات المحلية والدولية في فترات ما بعد انتهاء النزاعات على ترقية ثقافة السلام ونبذ العنف وذلك على مستوى الجماهير في المناطق المتأثرة بالحرب من خلال تفعيل المكتبات العامة التي ينظر إليها كثيراً كعوامل أساسية للتغيير الإيجابي.