كلمة إفتتاحية للممثل الخاص المشترك، السيِّد جيرمايا مامابولو، كما القاها في المؤتمر الصحفي المنعقد بالخرطوم

10 يوليو 2017

كلمة إفتتاحية للممثل الخاص المشترك، السيِّد جيرمايا مامابولو، كما القاها في المؤتمر الصحفي المنعقد بالخرطوم

(10 يوليو 2017؛ الساعة 14:00، قاعة مروي بمبنى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي،شارع الجامعة)

مساء الخير السيدات والسادة،

في البدء، أودُّ أن أُعرب لكم عن بالغ سروري في الترحيب بكم في هذا التنوير وهو اللقاء الأول لي منذ أن تقلدَّتُ منصبي الجديد كممثل خاص مشترك / كبير الوسطاء المشترك باليوناميد في شهر أبريل من هذا العام. وأودُّ في مستهل هذا الإطلاع أن أُسلِّط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه وسائل الإعلام ضمن الجهد الجماعي المبذول لتحقيق السلام في دارفور، وف السودان عموماً ـــ أنتم الحاضرون هنا جميعاً تلعبون دوراً هاماً في بناء الثقة وإعطاء الأمل وتشجيع المصالحة بين أطراف النزاع.

ومن ثم أودُّ أن أتقدم بالتهنئة لجمهورية السودان على تشكيل الحكومة الجديدة في شهر مايو 2017 وكذلك للمسؤولين المعينين حديثاً في مجلس وزراء ولايات دارفور وأن أؤكد لكم دعم اليوناميد المستمر. أودٌّ كذلك أن أرحب بانضمام حركة تحرير السودان – الثورة الثانية الى وثيقة الدوحة للسلام في دارفور وإلى عملية الحوار والتشاور الداخلي المستمرة في دارفور.

السيدات والسادة،

كما تعلمون  أن مجلس الأمن الدولي تبنى القرار رقم 2363 في 29 يونيو 2017، ولهذا وددتُ أن أشارككم بعض التفاصيل لهذا القرار.

ففي غضون السنوات الثلاث الماضية أو نحو ذلك، أضحى الصراع المسلح الذي استدعى انتشارا واسعا لقوات حفظ السلام في دارفور، محصورا إلى حد كبير  في نطاق مكان  تواجد حركة واحدة من الحركات الممناعة، ألا وهي حركة جيش تحرير السودان – فصيل عبدالواحد المتواجدة في منطقة غرب جبل مرة. ولكن مع ذلك فالحقيقة هي أنَّ هنالك نحو 2.7 مليون شخص ما زالوا يعيشون في معسكرات النزوح وما زال هنالك تواجد لمليشيات نشطة كما أن اندلاع العنف بين المجتمعات مازال يقع في أنحاء مختلفة من الإقليم.

وعلى وجه العموم ما يزال الوضع في دارفور هشاً ولذلك تبقى أولويات استراتيجة اليوناميد كما هي – فنحن هنا أولاً، لحماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وفي الوقت نفسه ضمان سلامة وأمن العاملين في المجال الإنساني؛ وثانياً، الإستمرار في التوسط بين حكومة السودان والحركات المسلحة غير الموقعة؛ وأخيراً، دعم الوساطة في الصراعات بين المجتمعات.

ولكن، ليس لي أن أُنكر بأنَّ هنالك تطورات جوهرية جرت في دارفور وفي السودان، في خلال السنوات العشر الماضية، مما استلزم إحداث تغييرات في الطريقة التي نعمل بها كبعثة على الأرض. ولذلك، فإنَّ اليوناميد تخضع لعملية إعادة هيكلة شاملة، وتغيير في أسلوب عملياتها. وسوف أحاول تلخيص هذه التغييرات لكم هنا بإيجاز قدر الإمكان.

والخطوط العريضة تتضمن أن البعثة بصدد تغيير نمط عملياتها على أساس نهج ثنائي المسار يجمع بين جهود حفظ السلام من ناحية، وبناء السلام و تحقيق الاستقرار من ناحية أخرى. سوف تركز اليوناميد على مهام حفظ السلام التقليدية في محيط منطقة جبل مرة الكبرى، مع الأخذ في الإعتبار عدم الإستقرار المستمر والنزوح الناجم عنه في المناطق المجاورة، علاوة على العنف المتكرر بين المجتمعات. وسيكون التركيز هنا على الإغاثة الطارئة ومعالجة احتياجات الحماية والتدمير الآمن للمتفجرات من مخلفات الحرب.

أما في باقي مناطق دارفور، فستعمل اليوناميد بالتعاون أكثر مما كان عليه في السابق مع حكومة السودان وفريق الأمم المتحدة القطري لتطبيق نهج يركز على بناء السلام بشكل أكبر.

 ولكي يتسنى تطبيق هذا النهج الجديد ذو الشقين بنجاح، فضلاً عن تعزيز السرعة والطبيعة الاستباقية لعملياتها على أرض الواقع، فإن البعثة بصدد إعادة هيكلة أفرادها النظاميين على مرحلتين. في الوقت الراهن، البعثة في المرحلة الأولى وهي عملية إعادة التشكيل والتي من المتوقع إنجازها خلال ستة أشهر. وفي نهاية هذه المرحلة، سنقوم بخفض سقف الأفراد النظاميين بالبعثة الى 11,395 عسكري و 2,888 شرطي. وفي الوقت نفسه، سنقوم بإغلاق 11 موقع فرعي من مواقع الفرق المنتشرة في جميع أنحاء دارفور.

 ستتم مراجعة المرحلة الأولى في شهر يناير 2018 وسيليها تطبيق المرحلة الثانية والتي تشمل إجراء المزيد من التخفيضات في أفراد القوات العسكرية الى 8,735 والقوات الشرطية الى 2,500 بحلول نهاية شهر يونيو 2018. وهذه التغييرات الأخيرة بالطبع قد تتغير وفقا للمعطيات التي ستفرزها مراجعة المرحلة الأولى في شهر يناير 2018.

 كما أننا الآن بصدد محادثات مع حكومة السودان كي يتسنى لنا إنشاء موقع ميداني مؤقت في محلية (جولو) بوسط دارفور، وأيضا الزيادة في حرية تحرك البعثة عبر كافة أنحاء دارفور.

الأخوة والأخوات،

 أودُّ الآن إطلاعكم على بعض إنجازاتنا والمشروعات المستمرة والتحديات التي واجهتنا خلال فترة تقلدي لمنصب الممثل الخاص المشترك.

 عموماً، اتخذت قوات وشرطة اليوناميد وضعا استباقيا وقويا في حماية المدنيين في جميع أرجاء دارفور. ولكن – وكما أعتقد أنكم ستتفقون معي – فإن مهمة حفظ السلام ليست بالمهمة السهلة. ففقط منذ بضعة أسابيع، تحديدا في يوم 31 من مايو 2017 فقدت البعثة أحد أفراد حفظ السلام بها في محاولة اختطاف مركبة في مدينة نيالا بجنوب دارفور.

 وكمثال آخر  لصعوبة مهام حفظ السلام، هناك الوضع الحالي في سورتوني؛ فما تزال اليوناميد وشركاء العمل الإنساني يوفرون الحماية والمساعدات الإنسانية لنحو 21,000 نازح متجمعين في المنطقة المجاورة لموقع فريق البعثة في سورتوني في شمال دارفور منذ منتصف يناير 2016. وتلعب قوات حفظ السلام باليوناميد دوراً أساسياً في التصدي للتحديات والمشاغل في سورتوني، فضلاً عن الجهود المبذولة لتخفيف التوترات المستمرة بين المجتمعات بالموقع، وكذلك دعم العاملين في المجال الإنساني.

 ومن جانبها، ستظل اليوناميد ملتزمة بالإستمرار في العمل مع سلطات حكومة السودان نحو الحاجة لتعزيز الحقوق والوصول الى العدالة في دارفور. وعلاوة على ذلك، سوف تستمر البعثة، بالتعاون مع الشركاء في فريق الأمم المتحدة القطري والمانحين، في توفير الدعم الفني لآليات العدالة التقليدية وكذلك العمل مع المفوضية القومية لحقوق الإنسان وأطراف النزاع. وإضافة إلى ذلك، تثني اليوناميد على التقدم الذي أحرزته أطراف النزاع بمن فيها حكومة السودان والحركات المسلحة والرامية إلى عدم ضلوع الأطفال في النزاع المسلح.

 يساعد المكوِّن الشرطي بالبعثة في تحقيق الأهداف المذكورة أعلاه على أساسٍ يومي من خلال دوريات بناء الثقة التي يجريها ومبادرات الشرطة المجتمعية والتنسيق المكثف مع قوات الشرطة السودانية. وتُمكِّن مثل هذه الأنشطة وتشجع الملكية الإجتماعية ومسؤولية الأمن المجتمعي. علاوة على ذلك، يعزز المكوِّن العسكري  التفويض الرئيسي للبعثة المتمثل في حماية المدنيين من خلال تنفيذ الدوريات اليومية وانشطة الإستقرار في جميع أنحاء دارفور. ومع التفويض الجديد للبعثة والتعامل المكثف مع حكومة السودان، نتمني أن نتمكن من وضع إطار عمل لتحقيق سلام دائم في الإقليم المضطرب.

 وأودُّ أن أسلِّط الضوء هنا على مثالين. الأول، دعم اليوناميد لتسريح 494 من المقاتلين السابقين بناءا على وثيقة الدوحة للسلام في دارفور واتفاق السلام الثنائي الولائي مع الحركات الموقعة في غرب دارفور بالمشاركة مع مفوضية نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج السودانية وبرنامج الأغذية العالمي. الثاني، التعاون الوثيق لليوناميد مع المركز القومي لنزع الألغام الذي أدى لأن تُعْلن محلية فوربرنقا بغرب دارفور المحلية الأولى في دارفور خالية من المتفجرات من مخلفات الحرب.

 العامل المشرك في هذين المثالين المتعلق بسلامة المجتمع هو شراكات مثمرة وفعالة مع الشركاء المعنيين المتمثل في فريق الأمم المتحدة القطري وأجهزة حكومة السودان. هذا النهج الموحد هو طريق التقدم إلى الأمام بالنسبة لنا، وفقا لتفويضنا.

السيدات والسادة،

 أود أيضا التأكيد من خلال دوري ككبير الوسطاء المشترك أننا مازلنا منخرطين كليا في جهود الوساطة والمصالحة والتي تهدف إلى منع وتخفيف الصراعات والنزاعات القبلية في جميع أنحاء دارفور. وكجزء من جهودها في بناء السلام، سوف تسعى البعثة للعمل بشكل وثيق أكثر من أي وقت مضى مع حكومة السودان لدعم جهودها في المصالحات في هذه النزاعات التي تستطيع أن تعرقل الوضع الأمني المتحسن في دارفور. من المتوقع أن تكون هنالك شراكة فعالة بين اليوناميد وحكومة السودان وفريق الأمم المتحدة القطري تركز على دعم الحكومة المضيفة لمعالجة الأسباب الجذرية للعنف المجتمعي التي ترجع بشكل أساسي لقضايا الوصول واستعمال وإدارة الموارد الطبيعية.  

 وأخيراً، فنحن جميعا نعلم أن الحل الوحيد للنزاع في دارفور يقوم على أساس تسوية سلمية من خلال التفاوض على أساس خارطة الطريق. وفي هذا الصدد، ما فتئنا نواصل معاونة كافة أطراف النزاع وحثهم على التوصل لاتفاق على وقف الأعمال العدائية. وسوف نواصل الجهود لضمان ألا يتكرر نشوب صدامات كالتي نشبت في منتصف شهر مايو من العام الجاري.

 وبينما نحن على أعتاب مرحلة جديدة، يصبح لزاما علينا جميعا أن تتكاتف جهودنا وتتكامل من أجل إحلال سلام دائم وتنمية مستدامة في دارفور. وإنني لأعَوّل على دعمكم في هذا الصدد.

 في الختام، لم يتبقى لي إلا أن أتقدم اليكم بجزيل الشكر على اهتمامكم ووقتكم وآمل أن تتاح لي الفرضة لأتحدث اليكم في كثير من الأحيان.

وشكراً جزيلاً!